«فرانسيسكو فيلا».. بلدة مكسيكية تواجه الانهيار الاقتصادي بسبب سياسات الهجرة الأمريكية (صور)
بُنيت بأموال المهاجرين
اعتمد سكان بلدة "فرانسيسكو فيلا" في ولاية ميتشواكان المكسيكية على تحويلات المهاجرين منذ أكثر من 3 عقود، حيث شهدت البلدة هجرة ما يقارب نصف سكانها البالغ عددهم 3 آلاف نسمة إلى الولايات المتحدة، هؤلاء المهاجرون عملوا في البناء، والبستنة، والمطاعم، وتربية الأطفال.
ووفقا لتقرير نشرته صحيفة “واشنطن بوست”، أمس الأحد، ساهم المهاجرون في تحسين أوضاع البلدة، حيث أسهمت تحويلاتهم في إنشاء أول مدرسة ثانوية، ورصف الشوارع الترابية، وتزويد الفصول الدراسية بأجهزة الحاسوب.
ووصف روبين شافيز، وهو أحد المهاجرين العائدين، كيف أن الأطفال في ذلك الوقت لم يكونوا يعرفون استخدام الحاسوب، ما يعكس حجم التغير الذي أحدثته هذه التحويلات.
قلق متزايد
أثارت تصريحات الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، حول تنفيذ أكبر حملة ترحيل في تاريخ الولايات المتحدة، حالة من الخوف في البلدة، حيث تهدد هذه الحملة أكثر من 11 مليون شخص يقيمون بشكل غير قانوني في البلاد، نصفهم تقريبًا من المكسيكيين.
واجتمع شافيز، البالغ من العمر 62 عامًا، مع عدد من أبناء بلدته العائدين خلال عطلات نهاية العام، وطرح سؤالًا محوريًا: "ماذا يمكننا أن نفعل كجماعة في مواجهة هذه الأزمة؟"، رغم أن بعض الحاضرين حصلوا على الإقامة القانونية في الولايات المتحدة، لا يزال هناك قلق على أقاربهم الذين يواجهون خطر الترحيل.
وأدت الهجرة غير النظامية من المكسيك ودول أخرى إلى إنشاء شبكة اقتصادية حيوية تعتمد عليها قطاعات كبيرة من الاقتصاد الأمريكي مثل الزراعة والبناء، وفي الوقت نفسه، باتت التحويلات المالية مصدر دعم أساسي للقرى المكسيكية الفقيرة، ما جعلها محركًا للتنمية وشبكة أمان اجتماعي لملايين الأسر.
وفي عام 2023، تجاوزت التحويلات المالية إلى المكسيك 63 مليار دولار، ما جعلها المصدر الثاني عالميًا لهذه التحويلات بعد الهند، وفي بعض الدول المجاورة مثل غواتيمالا وهندوراس والسلفادور مثلت التحويلات ما بين 20 و30% من الناتج القومي، مما يبرز اعتمادها الشديد على هذا المصدر المالي.
تأثير التحويلات على البلدة
أنشأت التحويلات مشاريع مهمة في "فرانسيسكو فيلا"، مولت مدرسة ثانوية افتتحت عام 2008 بفضل جهود المهاجرين، والتي توسعت لاحقًا لتستوعب 246 طالبًا، كما ساهمت الأموال في بناء مرافق دينية مثل قاعة الاجتماعات وسكن الكهنة، وحتى الأرصفة التي تعبرها العائلات في طريقها إلى الكنيسة.
وقال شافيز، إن "كل هذه الإنجازات تحققت بفضل الأموال التي تأتي من الخارج"، هذه الإنجازات تعكس حجم التأثير الإيجابي لتحويلات المهاجرين على تطوير البنية التحتية للبلدة.
ورغم وعود ترامب بترحيل الملايين، أشارت بيانات سابقة إلى أن عمليات الترحيل خلال فترة رئاسته الأولى كانت أقل من تلك التي نُفذت في عهد الرئيس السابق باراك أوباما، لكن تصريحات فريقه، ومنها تصريحات مدير الحدود المُعين توم هومان، تؤكد أن الإدارة المقبلة لن تستثني العائلات التي لديها أطفال مولودون في الولايات المتحدة.
وأعرب سكان البلدة عن قلقهم من مصير أقاربهم في الولايات المتحدة، تساءلت لورا أليغريا عمّن سيتولى رعاية ابنة شقيقتها، وهي مواطنة أمريكية تعاني من إعاقة ذهنية، إذا تم ترحيل والدتها، كما يخشى غوستافو ألمَنْزا على مستقبل حفيده الذي وُلد في المكسيك، لكنه يعيش في الولايات المتحدة منذ أن كان رضيعًا.
تأشيرات العمالة المؤقتة
ساعدت برامج تأشيرات العمالة الموسمية، مثل تأشيرة H-2، عددًا من سكان البلدة في العمل بشكل قانوني في الولايات المتحدة.
وقضى رامون فيرا، البالغ من العمر 36 عامًا، تسعة أشهر سنويًا في العمل كبستاني في شيكاغو قبل أن يعود إلى عائلته في المكسيك، ساعدته هذه الفرصة على تحسين منزله وتأمين تعليم ابنته الكبرى.
ولم يعلن ترامب عن أي تغييرات لهذه البرامج حتى الآن، لكن سكان البلدة يتابعون الوضع بقلق، قال فيرا: "هناك توتر كبير.. لا أحد يعلم ما الذي سيحدث بعد 20 يناير".
وتظل "فرانسيسكو فيلا" نموذجًا للبلدات المكسيكية التي ازدهرت بفضل تحويلات المهاجرين، لكن مستقبلها بات مهددًا في ظل السياسات الجديدة للولايات المتحدة، ما يضع سكانها أمام تحديات كبرى في مواجهة تداعيات قرارات سياسية قد تقلب حياتهم رأسًا على عقب.